سورة الشعراء - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشعراء)


        


قوله تعالى: {فلا تدعُ مع الله إِلهاً آخر} قال ابن عباس: يحذِّر به غيره، يقول: أنت أكرمُ الخَلْق عليَّ، ولو اتَّخذتَ من دوني إِلهاً لعذَّبتُك.
قوله تعالى: {وأَنْذِر عشيرتك الأقربين} روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله {وأنذر عشيرتك الاقربين} فقال: «يا مَعْشَر قريش: اشْتَرُوا أنفُسَكم من الله، لا أُغْني عنكم من الله شيئاً، يا بَني عَبْدِ مَنافٍ لا أُغْني عنكم من الله شيئاً، يا عبّاسُ بنَ عبد المُطَّلِب لا أُغْني عنكَ من الله شيئاً، يا صفيةُ عَمَّةَ رسولِ الله لا أُغْني عنكِ من الله شيئاً، يا فاطمةُ بنتَ محمد سَلِيني ما شئتِ ما أُغْني عنكِ من الله شيئاً» وفي بعض الألفاظ: «سَلُوني مِنْ مالي ما شئتم» وفي لفظ: «غير أنَّ لكم رَحِماً سأبُلُّها بِبلالها» ومعنى قوله: {عشيرتَكَ الأقربِين}: رهطك الأدنَيْن. {فان عَصَوْك} يعني: العشيرة {فقُلْ إِنِّي بَريء مِمّا تَعْمَلون} من الكُفْر. {وتَوَكَّلْ على العزيز الرَّحيم} أي: ثِقْ به وفوِّض أمرك إِليه، فهو عزيز في نِقْمته، رحيم لم يعجِّل بالعقوبة. وقرا نافع، وابن عامر: {فَتَوَكَّل} بالفاء، وكذلك هو في مصاحف أهل المدينة والشام.
{الذي يراكَ حين تَقُوم} فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: حين تقوم إِلى الصلاة، قاله ابن عباس، ومقاتل.
والثاني: حين تقوم من مقامك، قاله أبو الجوزاء.
والثالث: حين تخلو، قاله الحسن.
قوله تعالى: {وتَقَلُّبَكَ} أي: ونرى تقلُّبك {في الساجدين} وفيه ثلاثة أقوال.
أحدها: وتقلُّبك في أصلاب الأنبياء حتى أخرجك، رواه عكرمة عن ابن عباس.
والثاني: وتقلُّبك في الركوع والسجود والقيام مع المصلِّين في الجماعة؛ والمعنى: يراك وحدك ويراك في الجماعة، وهذا قول الأكثرين منهم قتادة.
والثالث: وتصرُّفك في ذهابك ومجيئك في أصحابك المؤمنين، قاله الحسن.


قوله تعالى: {هل أُنَبّئُكم على من تَنَزَّلُ الشَّياطين} هذا ردٌّ علهيم حين قالوا: إِنما يأتيه بالقرآن الشياطين. فأما الأفَّاك فهو الكذّاب، والأثيم: الفاجر؛ قال قتادة: وهم الكهنة.
قوله تعالى: {يُلْقُون السَّمْع} أي: يُلْقُون ما سمعوه من السماء إِلى الكهنة.
وفي قوله: {وأكثرُهم كاذبون} قولان:
أحدهما: أنهم الشياطين.
والثاني: الكهنة.


قوله تعالى: {والشُّعراء يتَّبعهم الغاوون} وقرا نافع: {يَتْبعهم} بسكون التاء؛ والوجهان حسنان، يقال: تَبِعْتُ واتَّبعت، مثل حقرتُ واحتقرتُ. وروى العوفي عن ابن عباس، قال: كان رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تهاجيا، فكان مع كل واحد منهما غُواة من قومه، فقال الله: {والشعراء يتَّبعهم الغاوون}. وفي رواية آخرى عن ابن عباس، قال: هم شعراء المشركين. قال مقاتل: منهم عبد الله بن الزِّبَعْرى، وأبو سفيان بن حرب، وهبيرة ابن أبي وهب المخزومي في آخرين، قالوا: نحن نقول مثل قول محمد، وقالوا الشعر، فاجتمع إِليهم غُواة من قومهم يستمعون أشعارهم ويَرْوُون عنهم.
وفي الغاوين ثلاثة أقوال.
أحدها: الشياطين، قاله مجاهد، وقتادة.
والثاني: السُّفهاء، قاله الضحاك.
والثالث: المشركون، قاله ابن زيد.
قوله تعالى: {ألم تَرَ أنَّهم في كُلِّ وادٍ يَهيمون} هذا مَثَل بمن يَهيم في الأودية؛ والمعنى أنهم يأخذون في كل فنّ من لغو وكذب وغير ذلك؛ فيمدحون بباطل، ويذُمُّون بباطل، ويقولون: فعلنا، ولم يفعلوا. قوله تعالى: {إِلاَّ الذين آمنوا} قال ابن عباس: لمّا نزل ذمُّ الشعراء، جاء كعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت، فقالوا: يا رسول الله، أنزل اللّهُ هذا وهو يعلم أنّا شعراء، فنزلت هذه الآية. قال المفسرون: وهذا الاستثناء لشعراء المسلمين الذين مدحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وذمّوا من هجاه، {وذكروا الله كثيراً} أي: لم يَشْغَلهم الشِّعر عن ذِكْر الله ولم يجعلوا الشِّعر همَّهم. وقال ابن زيد: وذكروا الله في شِعرهم. وقيل: المراد بالذِّكْر: الشَِّعر في طاعة الله عز وجل.
قوله تعالى: {وانْتَصَروا} أي: من المشركين {مِنْ بَعْدِ ما ظُلِموا} لأن المشركين بدؤوا بالهجاء. ثم أوعد شعراء المشركين، فقال: {وسَيَعْلَمُ الذين ظَلَمُوا} أي: أَشركوا وهَجَوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين {أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون} قال الزجاج: {أيَّ} منصوبة بقوله: {ينقلبون} لا بقوله: {سيعلم}، لأن أيّاً وسائر أسماء الاستفهام لا يعمل فيها ما قبلها. ومعنى الكلام: إِنهم يَنْقلبون إِلى نار يخلَّدون فيها.
وقرأ ابن مسعود، ومجاهد عن ابن عباس، وأبو المتوكل، وأبو رجاء: {أيَّ مُتَقَلَّبٍ يَتَقَلَّبُون} بتاءين مفتوحتين وبقافين على كل واحدة منهما نقطتان وتشديد اللام فيهما. وقرأ أُبيُّ كعب، وابن عباس، وأبو العالية، وأبو مجلز، وأبو عمران الجوني، وعاصم الجحدري: {أيَّ مُنْفَلَتٍ يَنْفَلِتُون} بالفاء فيهما وبنونين ساكنين وبتاءين. وكان شريح يقول: سيعلم الظّالمون حظّ من نقصوا، إِنّ الظّالم يَنْتَظِر العِقاب، وإِنّ المظلوم ينتظر النصر.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9